معارف ومعلوماتأدب وثقافة

شارلوك هولمز، قصة المحقق الجنائي وبطل روايات آرثر دويل

تعتبر روايات شارلوك هولمز، Sherlock Holmes، شخصية خيالية لم تكن موجودة بالأساس. جاءت من وحي خيال كاتب وطبيب من اسكتلندا يدعى آرثر دويل. قام بتقديم هولمز على أنه محقق استشاري، يعيش في العاصمة البريطانية لندن. يلجأ إليه الكثيرون لحل غموض الجرائم التي يفشلون في إيجاد حلول لها وكذلك كان يساعد المحققين ورجال الشرطة متى احتاجوا إليه. كانت منطقية هذا الرجل في كشف الجرائم وقدرته في الوصول إلى المجرمين هي السبب الرئيسي في شهرته. وقد تمكن من استعمال كل معلوماته في الطب الشرعي، ليتمكن من حل المشاكل المعقدة.

سجل عام 1887م، الظهور الأول لشخصية هولمز. حينها كتب آرثر دويل (بالإنجليزية: Arthur Conan Doyle) 4 روايات، لعب فيها هولمز دور البطولة. بالإضافة إلى 56 قصة قصيرة، كانت رواية “دراسة في اللون القرمزي” هي أول رواية بوليسية قدمت هولمز المحقق الجنائي إلى الجمهور. ومن ثم تم نشر باقي الروايات، وفي عام 1891م، بدأ نشر القصص القصيرة التي بدأت أيضاً بقصة “فضيحة في بوهيميا” واستمر نشر قصصه حتى عام 1914م.

اعتمد شارلوك هولمز، على صديقه المقرب جون واطسون، في حكي أغلب رواياته. بينما رواية مغامرة عرف الأسد، ورواية مغامرة الجندي الشاحب رويت من قبل شارلوك، نفسه. أما رواية قوسه الأخير، ورواية مغامرة حجر مزارين، رويتا بضمير الغائب.

ونجد أن رواية مغامرة جلوريا سكوت، ورواية مغامرة طقوس موس جريف، كان هولمز، يروي أجزاء منهما لصديقه واطسون. وهو الذي يرد عليه بذكر أجزاء من هذه الروايات. غير أن أول روايتين تم نشرهما لم يكن لدى هولمز وواطسون معرفة بكل الأجزاء فيهما.

قصة شخصية شارلوك هولمز Sherlock Holmes

يعد الدكتور جوزيف بيل، الذي كان زميل كونان دويل، مؤلف روايات هولمز، في أحد المستشفيات بمدينة أدنبرة بدولة إسكتلندا. وبفضل اشارات ذكاء هذا الرجل وقدرته على الاستنتاج المذهل في مختلف الأمور من خلال الاعتماد على الملاحظات البسيطة، خطرت على بال دكتور دويل، أن يبتكر شخصية شارلوك.

استلهم دويل، شخصية هولمز، من زميله الثاني هنري ليتلجون الذي كان يعمل محاضراً بنفس الجامعة، وقد تخصص في مجال الطب الشرعي. وبفضله استطاع دويل، أن يجمع بين التحقيقات الطبية، وكذلك استنتاجات الجرائم. بينما الشخصية الثالثة التي تم استلهام شخصية شارلوك هولمز منها هو فرانسيس سميث. الذي كان يعمل في مجال التخفي، وبفضل خبراته نجح في أن يكون محقق مدينة ليستر.

رواية دراسة في اللون القرمزي

تناولت الرواية البوليسية دراسة في اللون القرمزي، حياة هولمز، وتناولت بعض التفاصيل الدقيقة عن شخصيته الأساسية بعيداً عن شخصية المحقق. لكنها معلومات مبعثرة وقليلة نتج عنها تشوه لحياته الشخصية غير المكتملة. عندما تم نشر قصة “قوسه الأخير” عام 1914م، تبين أنه من مواليد عام 1854م. وذلك يعني أن وقت نشر القصة بلغ عمره 60 عاماً. وهذا ما جعل الباحثين يعتقدون أنه ولد في السادس من يناير.

اتخذ شارلوك هولمز، قرار التحري والعمل في مجال التحقيق، عندما كان طالباً بالجامعة، وفي صدفة جمعت بينه وبين والد زميل له دفعته إلى اتخاذ هذا القرار. وقبل تخرجه في الجامعة نجح في تطوير مهاراته في مجال الاستنتاج. بالرغم أنه كان لا يزال في مرحلة الهواية، بعد التخرج مباشرة عمل على مدار 6 سنوات متواصلة كمحقق استشاري. وبسبب تعثر حالته المادية وافق على مشاركة واطسون في سكنه. ومنذ تلك اللحظة، وقد بدأت قصص وروايات هولمز تخرج للنور.

عاش هولمز، وحيداً في مدينة لندن، منذ عام 1881م، وتحديداً في 221 شارع بيكر. في نهاية الشارع، وهناك برز في عمله وكان يقدم خدماته للمواطنين، ظل هولمز، وحيداً بلا رفاق. قليلاً ما كان يستعين بالأطفال المشردة في لندن، حتى تشاركه في تنفيذ مهامه، وكان يسميهم The Baker Street Irregulars أي فرقة شارع بيكر. وكان دور هؤلاء الأطفال في ثلاث روايات عالمية نذكر منهم رواية مغامرة الرجل الأحدب.

لم يعرض دويل، معلومات كثيرة عن عائلة شارلوك هولمز، بل قال أن جذوره تمتد إلى الإقطاعيين. وذكر ذلك في قصة “مغامرة المترجم اليوناني” حينما قال إن هناك صلة قرابة تربط بينه وبين فنان فرنسي يدعى فرنيه. بالإضافة إلى ذكر أخيه الأكبر “مايكروفت هولمز”، الذي ظهرت شخصيته في ثلاث قصص منهم قصة “المشكلة الأخيرة” ويعمل في وظيفة ذات مركز مرموق في الحكومة البريطانية.

تعرض القصص التي ظهر فيها أن الأخ الأكبر يتميز بكونه أشد ذكاء من أخيه. علاوة على أنه يمتلك قدرة استثنائية على الاستنتاج وتحليل الشخصيات، إلا أنه لا يفضل العمل في التحقيقات الميدانية. بل يحب الانعزال والانطواء، وهذا ما يدفعه إلى الجلوس المستمر في “نادي ديو جينز”.

حياة شارلوك هولمز مع واطسون

جمعت بين هولمز وواطسون، صداقة قوية فأصبح كل منهما الصديق الأقرب للثاني. وطوال السنوات التي عمل فيها هولمز في مجال التحقيق الاستشاري، كان بصحبة واطسون، استمر الصديقان معاً، حتى عام 1887م. حينها تزوج واطسون من فتاة تدعى ماري مورثتان. لكن بعد رحيلها عاد من جديد للعيش مع هولمز، عاش الصديقان في منزل مملوك لامرأة تدعى هدسن.

برزت أهمية واطسون، في حياة هولمز، في الكثير من الجوانب. إذ كان يساعده أولاً في التحقيقات خاصة في الجانب الطبي؛ لأنه بالأساس طبيب. وكذلك كان يشغل بعض المهام المتعددة مثل عمليات البحث للتواصل مع الآخرين نيابة عنه، التنكر عند تنفيذ المهام والتحري. كما أن واطسون، هو كاتب السيرة الذاتية لحياة هولمز، وكان يتولى سرد تفاصيل القضايا التي تسند إليه. لذلك أطلق عليه لقب بوزويل، وهو شخص اشتهر بكتابة السير الذاتية.

عكف واطسون، على توثيق كل قضية تم إسنادها إلى هولمز، في شكل قصة قصيرة تشمل كافة المراحل التي تمر بها القضية. وبالرغم من ذلك، فكان أسلوب واطسون، لا يعجب هولمز. إذ يراه أسلوب شعبياً يميل إلى العاطفة، ولا يرعى بشكل جيد الجانب العلمي في مختلف القضايا.

استطاع المؤلف سير آرثر كونان دويل، أن يقدم هولمز وواطسون، في علاقة صداقة رائعة مكللة بالحب والتقدير. وظهر ذلك عندما تعرض واطسون، للإصابة بطلق ناري مما ظهر على هولمز، تعاطف واضح تجاه صديقه، على الرغم من سطحية الإصابة. وقد بلغ عدد سنوات عمل هولمز في مهنة التحقيق الاستشاري طوال 23 عاماً. استطاع واطسون، أن يوثق من هذه الفترة 17 عاماً فقط.

دويل وإنهاء حياة هولمز

استغرق دويل، في كتابة قصص شارلوك هولمز، ما يصل إلى 10 سنوات. وقرر بعد هذه الفترة أن ينهي حياة هولمز، حتى يتفرع إلى كتابة الروايات التاريخية. فكتب قصة “المشكلة الأخيرة”، وتم طرحها في الأسواق عام 1891م. لكن القراء الذين اعتادوا قراءة مغامرات هولمز وقدرته الخارقة على التحليل والتحري وكشف الجرائم، جعلتهم يرفضون رواية موته. بل وطالبوا دويل، أن يعيد هولمز، للحياة من جديد.

استمرت عمليات الضغط على الكاتب لمدة 8 سنوات، ونفذ لهم ما رغبوا فيه عندما كتب رواية “كلب آل باسكرفيل”. تلك التي تم طرحها في الأسواق عام 1901 م. والتي تحكي أحداث ما قبل وفاة هولمز.

بدأ كونان دويل، يكتب قصة مغامرة المنزل الفارغ، عام 1893م. وتم طرحها في الأسواق عام 1903م. وبهذه القصة عاد هولمز للحياة من جديد. وفيها يحكي واطسون صديق هولمز، أن موت صديقه كان مجرد خدعة نفذها من أجل خديعة أعدائه. ومثلت هذه القصة كأول أعمال المجموعة الثانية من قصص هولمز، وظلت دويل، يكتب هذه المجموعة حتى عام 1927م.

أطلق محبو المحقق هولمز، لقب Great Hiatus، التوقف الكبير، على الفترة التي مات فيها هولمز، وحتى عاد للحياة من جديد، وتبدأ هذه الفترة عام 1891، واستمرت حتى عام 1894م. بهذا المصطلح عبر الكاتب إدجار، في مقالة صحفية نشرت له بعد منتصف عام 1946م، بعنوان “شارلوك هولمز والتوقف الكبير”. وتم نشر المقالة في مجلة “بيكر ستريت جورنال”.

حياة شارلوك بعد تقدمه في السن

تقاعد هولمز، عن العمل في عام 1904م، بسبب تقدمه في العمر. وقرر الانتقال للعيش في منطقة ساسكس دوانز. ليعيش هناك في مزرعة صغيرة، وبدأ يستعيد هوايته القديمة في تربية النحل، التي أصبحت تأخذ كل وقته. حتى إنه كتب مرجعاً علمياً يتناول ثقافة عالم النحل. لكن فترة التقاعد تم قطعها بسبب مشاركة هولمز وواطسون، خلال الحرب العالمية الأولى، والمرة الثانية كانت بسبب مغامرة عرف الأسد، التي قام بها الصديقان معاً. لكن المعلومات حول رحيل هولمز، ليست معروفة.

عادات هولمز

تحدث واطسون، عن ملامح شخصية هولمز، من حيث عدم اهتمامه بالمقاييس الاجتماعية. فهو لا يهتم بالترتيب أو التنظيم والشيء الذي يراه الناس فوضى يراه هو ثروة. دائماً ما كان واطسون، يعاني من الفوضى في المنزل بسبب هولمز. إذ يجد المستندات مبعثرة، والمصنوعات اليدوية في كل ركن. لكن ذلك لا يمنعه من الاهتمام بنظافته الشخصية.

أما بالنسبة لتناول الطعام، فكان لا يهتم به. ويجلس لساعات طويلة متواصلة، دون أن يفكر في تناول أي وجبة غذائية. ومن عاداته السيئة أنه كان يدخن الغليون بشراهة. بينما السجائر كان غير مفرط في تناولها. لم يكن واطسون، مرحباً بعادة التدخين السامة في المنزل، وكثيراً ما كان يعترض على ذلك.

رفض واطسون، بعض الأفعال التي كان شارلوك هولمز، يقوم بها من أجل زبائنه مثل اقتحام أحد المنازل، أو إخفاء دليل معين، أو الكذب على رجال الشرطة. ودائماً ما كان يبرر أفعاله بشكل أخلاقي. كان واطسون، يرفض التلاعب بالأشخاص، وقد حدث ذلك عندما استغل هولمز، مشاعر امرأة، خلال مغامرة “تشارلز أغسطس ميل فرتون” بالرغم من قيامه بالكثير من المحاولات بهدف حماية أموالها.

جسد هولمز، شخصية الحكومة البريطانية، في أمور تتعلق جميعاً بالأمن القومي للمملكة. وأجرى العديد من المهام المتعلقة بمكافحة التجسس. وظهر ذلك واضحاً في قصة “قوسه الأخير” التي تمت كتابتها قبل نشوب الحرب العالمية الأولى بوقت قليل. كما استخدم كل مهاراته في إطلاق النار، وعلى جدار منزله وضع رمز VR، الذي يشير إلى الملكة فيكتوريا، بعد أن أطلق العديد من الطلقات النارية.

شخصيته

تم وصف شخصية شارلوك هولمز، أنه شديد الغرور. وذلك بسبب قدرته على الاستنتاج والتحليل التي تفوقت على المحققين من رجال الشرطة. إلّا أنّه لم يسع إلى الحصول على الشهرة في الكثير من الأحيان كان يحل المشكلة، ويترك رجال الشرطة يحصلون على الثناء وحدهم. كثيراً ما كان يتلقى دعوات من قبل مكاتب الشرطة البريطانية خارج مدينة لندن. إذ كانوا يلجؤون إليه ليساعدهم في حل مشكلة من المشاكل خاصة عندما يكون متواجداً بالقرب منهم.

تسبب واطسون، في تحقيق الشهرة الواسعة حول شخصية هولمز. إذ دائما ما كان ينشر تفاصيل القضايا والمشكلات التي نجح في حلها. حتى أصبح محط أنظار الناس، وكل من يقع في مشكلة يذهب إليه لدرجة أن تساوى مع أهمية الشرطة.

وصلت شهرته للدرجة التي جعلت أفراد العائلة الملكية يزورون هولمز في منزله. وكذلك رئيس الحكومة البريطانية والموظفين الكبار في المملكة، وجميعهم كانوا يقصدونه في حل مشكلات تخصهم. وحينما نجح في حل قضية تخص فرنسا. قامت الحكومة الفرنسية بمنحه وسام جوقة الشرف تقديراً له. كما قدم مساعدات متعددة إلى دولة الفاتيكان. وضمت قائمة عملائه ملك إسكندنافيا، وكلما كان يراه الناس عظيماً كان يزيد فخره بنفسه.

مشاعر شارلوك هولمز وتصرفاته

يقول واطسون، صديق هولمز المقرب أن مشاعر صديقه كانت باردة. ووصف قلبه بشدة القسوة، وذلك لأنه قبل العيش والعمل في مجال تحيط به المخاطر من كل ناحية. اتسم هولمز، بقدرته المتميزة في صناعة الفخاخ التي يتمكن فيها من كشف المجرمين والقبض عليهم. وذلك يعود إلى قدرته الممتازة على الاستعراض وحضور شخصيته القوية.

الصديق الأقرب له كان واطسون. وفي الواقع هو شخص يميل إلى العزلة، ولا يفضل رفقة الأشخاص. كان يفضل العمل بين الجماعة، ولم يهتم بتكوين صداقات على أي حال. بينما كل ما كان يشغله هو أن يضع وقته في خدمة مغامراته.

إذ يحكي هولمز، في “مغامرة جلوريا سكوت” عن صديق له يدعى فيكتور تريفور، الذي تعرف عليه بعد مرور عامين من الدراسة في الجامعة. حيث كان يميل إلى سماع الموسيقى، وتحدث في “مغامرة عصابة الرؤوس الحمراء” عن استماعه إلى عزف الكمان. وقد استمتع عندما سمع العازف الإسباني بابلو دو.

مظهره الشخصي

ترسخت لدى الجمهور صورة ذهنية عن مظهر شارلوك هولمز، تتماشى مع شخصيته كمحقق استشاري. فنجد أن الصورة المأخوذة عنه تتمثل في رجل ذي قامة طويلة، يتميز بطلة بهية، وجهه نحيل، يحمل قبعة على رأسه، ويدخن الغليون. تراه دائماً وفي يده عدسة كبيرة، يراه الكثيرون أنه رجل جاء من العصر الفيكتوري، إنجليزي الأصل، يمتاز بنظرة ثاقبة وعينيه دقيقتان قادر على تطوير شخصيته بكل سهولة.

هل أدمن هولمز المخدرات؟

بحسب ما جاء في “مغامرة الرجل ذي الشفاه الملتوية” عام 1891م، والتي نشرت في مجلة ستراند، أن شارلوك، كان يتعاطى المخدرات وتحديداً في أوقات الفراغ. جمعت بينه وبين الكوكايين علاقة تكاملية. إذ يظن أن المخدر يساعده على تحفيز دماغه. لذلك دائماً ما كان يحمل حافظة جلدية، وبها محقن، يأخذ به جرعة الكوكايين بنسبة 7%. بالإضافة إلى تعاطيه مخدر المورفين. وهذه الأنواع من المخدرات لم تكن ممنوعة في بريطانيا، بل ظلت متداولة ومسموحاً بها حتى نهاية القرن التاسع عشر.

أما بالنسبة للغليون، فإنه كان بمثابة عادة إنجليزية متداولة بين الناس خاصة الطبقة العليا والنبلاء. كما استخدم هولمز، السجائر والسيجار للدرجة التي كان قادراً فيها على التمييز بين أنواع رماد التبغ المحروق.

اعتبر واطسون، أن تعاطي هولمز الكوكايين هو خطيئته الوحيدة. ودائماً ما كان يخشى أن يؤثر ذلك على حالته العقلية أو يتسبب في تدهور درجة ذكائه. وخلال “مغامرة العملة المفقودة” كان هولمز، في تلك الفترة بدأ بالفعل يقلع عن تناول المخدرات. لكنه لم يلبس وعاد إلى التعاطي من جديد.

شؤون شارلوك هولمز المالية

يحكي واطسون، في مغامرة المحقق الميت، أن هولمز، كان قادراً على شراء المسكن الذي يسكن فيه بالإيجار. وخلال مغامرة جسر تور، قدم العميل الفني أجراً مضاعف إلى هولمز. لكنه رفض بالرغم من أن العملاء الأغنياء دائماً ما كانوا يدفعون له أجراً أكبر من الأجر الأساسي.

وحينما روى هولمز، قصة المشكلة الأخيرة، تحدث عن موقف الحكومة الفرنسية التي دفعت له الكثير من المال الذي يكفيه بعد التقاعد. كان هولمز، يفضل العمل على قضايا الفقراء الذين لا يمتلكون المال عندما تكون قضاياهم مثيرة وغامضة. في نفس الوقت كان يرفض الكثير من قضايا الأغنياء عندما تكون القضية ضعيفة.

تحدث هولمز إلى واطسون، عن صندوق مليء بالذهب كان قد وصله من قبل ملك بوهيميا خاصة بعد حدوث فضيحة في بوهيميا. ونجد ذلك خلاص قصة قضية هوية، كما يحكي هولمز إلى واطسون، عن خاتم ثمين وصل إليه من قبل أحد أفراد الأسرة الملكية في ألمانيا، خلال “مغامرة خطة بروس-أرلينغتون”.

أما الملكة فيكتوريا، فقد قدمت له عقداً من الزمرد هدية له وقدمت له المطربة إيرين أدلر، عملة ذهبية بريطانية. كما منحه رئيس فرنسا، وسام جوقة الشرف، تحدث عنه في مغامرة الأنف الذهبية حينما تتبع قاتل مأجور، ونجح في كشفه. كما قدم إليه الدوق هولندرنس، مبلغ 6000 جنيه إسترليني نظير جهوده التي وردت في مغامرة مدرسة الأخوية.

قدم هولمز، خدماته للكثير من الأسماء الكبيرة في أوروبا والملوك وأصحاب رؤوس الأموال. وكان يطلب مستحقاته المالية بدون حرج. حيث نجده في عصابة الرؤوس الحمراء قد طلب من البنك أن يعوضه عن المبلغ الذي أنفقه خلال مدة حل القضية.

طلب هولمز، في “مغامرة تاج الزمرد” من موكله الثري أن يدفع تكلفة الأحجار الكريمة المسروقة. بل وطلب منه المكافأة المالية التي أعلن عنها قبل وقت سابق. لم يتحدث واطسون، بشكل صريح عن الأجر الذي كان هولمز يأخذه مقابل خدماته، بالرغم من كونه دخلاً جيداً.

علاقة شارلوك هولمز بالنساء

اختار هولمز، امرأة معينة لخطبتها، بعد أن خطط للزواج منها. لكن في الواقع لم تكن هناك نية للزواج من الأساس، بل استخدم حيلة الزواج المزيفة حتى يتمكن من حل إحدى قضاياه.

كان يبدو على هولمز، إعجابه ببعض السيدات اللاتي ذهبن إليه لحل بعض المشاكل. نذكر من بينهنّ على سبيل المثال فيوليت هنتر التي جاء ذكرها في قصة “مغامرة أخشاب الزان النحاسية”. وكذلك السيدة فيوليت سميث، وذكرت أيضاً في قصة “مغامرة الدراج المنفرد”. كما كان هولمز معجباً بالسيدة وهيلين ستونر التي تحدث عنها في قصة “مغامرة الشريط المرقط”. وبالرغم من ذلك قال إنه لا يهتم بالنساء إلا في ضوء العمل فقط.

يعتقد هولمز، أن العلاقات العاطفية تؤثر بشكل سلبي على الرجال، فهي تضعف الرجل وتعيق تفكيرهم المنطقي، هولمز. كان لا يثق في النساء بشكل عام. ربما موقفه هذا بعد عمله في قضية المرأة التي قتلت أطفالها الثلاثة من أجل أموال التأمين. وبالنسبة له النساء ليس لها فائدة إلا في القضايا التي جاءت عن طريقِهن. كما كان هولمز، يخاف من إقامة العلاقات الجنسية.

لعة حل المفارقات

كان المؤلف البريطاني رونالد نوكس، السبب وراء ظهور اللعبة السلوكية، وتسمى أيضاً اللعبة الهولندية. هدف هذه اللعبة هو حل المفارقات، بالإضافة إلى شرح التفاصيل التي تخص واطسون وشارلوك هولمز. وتتعامل معهم هذه اللعبة باعتبار أنهم بشر بالفعل. أما المؤلف الحقيقي، وتعتبره اللعبة مجرد ناشر، وتستخدم اللعبة أسلوب المقارنة بين الروايات والقصص من أجل بناء سيرة حياة هولمز ونشر التحليلات حول شخصية هولمز، وما يتعلق به.

ناقشت اللعبة تاريخ ميلاد هولمز. ووفق ما جاء في رواية دراسة في اللون القرمزي. عرضت لوري كينج، كاتبة أمريكية، تاريخ ميلاد هولمز، كما أن التاريخ 6 يناير 1854م، جاء من اقتراح كريستوفر مورلي. وبحسب مغامرة جلوريا سكوت، فإنها تؤكد أن هولمز، عام 1885م، هو العام الأخير له بالجامعة. أما واطسون، فقد عاد إلى بريطانيا عام 1881م، بعد انتهاء الحرب الإنجليزية الأفغانية الثانية. وفقا لما جاء في رواية دراسة في اللون القرمزي، وتقول لوري، أن هولمز، إن كان سن التحاقه بالجامعة هو 17 عاماً، فهو من مواليد 1861م.

ترى الكاتبة دوروثي سايرز، أن هولمز، قد التحق بجامعة كامبريدج البريطانية. وذلك لما جاء في قصص وروايات هولمز التي تشير إلى دراسته في كلية سيدني ساسيكس. لم تكتف اللعبة بشرح نتائج وتحليلات هولمز. بل وصلت إلى دراسة عواطفه وأفكاره العقلية في تلك اللعبة، ويقول الكثيرون من القراء أن هناك احتمالية تشير إلى إصابة هولمز، بمتلازمة أسبرجر. وذلك يعود إلى عدم حرصه على بناء علاقات شخصية واجتماعية له وكذلك؛ نظراً لاهتمامه الواسع بالتفاصيل.

قصة إيرين أدلر

تعتبر إيرين أدلر، المرأة الوحيدة التي شغلت حيزا لا نظير له لدى شارلوك هولمز، بالرغم من عدم ظهورها إلا في مرة واحدة خلال أحداث قصة فضيحة في بوهيميا.

كانت المطربة الأمريكية المرأة الوحيدة التي استطاعت أن تتحدى هولمز. حينما تحدث واطسون، عنها قال إنه غير قادر على الجزم أن هولمز أحبها. لكنه كان دائم الذكر لها، وحينما كان ملك بوهيميا، يريد الزواج من أميرة، وهو كان على علاقة سابقة بهذه المطربة، وقد احتفظت بصورة لهما، وكان يريد العثور على الصورة حتى لا تفضحه ويفشل مشروع زواجه. ساعده هولمز على حل مشكلته، وفي المقابل احتفظ بصورة لها أخذها من هذا الملك نظير ما قام به.

جمعيات هولمز

تم تأسيس جمعية Sherlock Holmes، عام 1934م، في العاصمة البريطانية لندن. وفي نفس العام تأسست أيضاً جمعية فرقة شارع بيكر في الولايات المتحدة الأمريكية بمدينة نيويورك. ولا يزال نشاط هذه الجمعيات قائماً حتى هذه اللحظة. أما الجمعية الأولى، فإنها كثيراً ما تنظم العديد من الزيارات إلى الأماكن التي شهدت على أحداث المغامرات الوارد ذكرها في روايات وقصص هولمز. ومن ثم نشأت بعد ذلك العديد من المجتمعات التي تتبنى فكر هولمز ووصل عددها إلى 250 مجتمعاً، وتوجد في العديد من الدول.

متحف شارلوك

أعيد بناء غرفة معيشة شارلوك هولمز، عام 1951م، باعتبار الغرفة جزء من معرض هولمز، الذي ضمه مهرجان بريطانيا. وبعد انتهاء دورة المهرجان تم نقل كافة المقتنيات والمفروشات إلى مدينة Lucens، في دولة سويسرا، عن طريق ابن كونان دويل، ابن مبتكر شخصية شارلوك. كما سجل عام 1990م، افتتاح أول متحف، في لندن. وفي العام التالي تم افتتاح متحف ثاني في منطقة Meiringen. أما مقتنيات كونان دويل، فإنها توجد في متحف خاص موجود بمدينة بورتسموث.

علاقة هولمز بالطب الشرعي

شملت قصص وروايات هولمز، العديد من الدلائل التي انبثقت من الطب الشرعي. ومنها مثلاً استخدام بصمات الأصابع، وكذلك آثار الأقدام، وتحليل خط الكتابة. وكل ذلك كان يساعده في تقييم النظريات الخاصة به. وكذلك تحقيقات رجال الشرطة.

كان هولمز، يحمل بصحبته دائماً عدسة مكبرة يستخدمها في فحص أعقاب السجائر والشعر، ومكان حدوث الجريمة. كما اعتمد على الكيمياء التحليلية لتساعده على كشف وتحليل بقع الدم ومعرفة السموم.

كان هولمز، يحلل كل المواد الكيميائية في معمله الخاص بمنزله. كما كان يكتشف تطابق فارغ الطلقات مع أسلحة القاتل من خلال علم المقذوفات. تمكن هولمز، من استنتاج جميع معلوماته من خلال تحليل ملابس المجرمين وحتى الطين على الأحذية. بالإضافة إلى حالة الأشخاص العقلية، تم منح هولمز، عضوية شرفية من قبل الجمعية الملكية للكيمياء عام 2002م. وذلك يعود إلى استخدامه الطب الشرعي والكيمياء ضمن الأعمال الأدبية.

هل كان هولمز أول شخصية خيالية؟

لم يكن شارلوك هولمز، هو الشخصية الخيالية الأولى، بل سبق أن قدم الكاتب الأمريكي إدغار آلان بو، شخصية خيالية تجسدت في المحقق سي أوغست دوبين. وكذلك هناك شخصية خيالية ثالثة وهي شخصية المونسنيور ليكوك. وهي من ابتكار إميل جبريو، كما نجد أيضاً المحقق هيركيول بوارو، الذي قدمته الكاتبة أجاثا كريستي.

شارلوك في الأدب العلمي

كانت هناك محاولة لقياس ذكاء هولمز، من قبل جون رادفورد. وقد اعتمد خلالها على كافة البيانات التي قدمها كونان دويل، كان ذلك في عام 1999م. استعان خلالها بمجموعة من الأساليب التي تساهم في تحديد معدل ذكائه. وكانت النتيجة التي تحصل عليها هي 190. أما في عام 2004م، اختبر فام سنايدر، الأساليب التي استخدمها هولمز في عمليات القياس خاصة تلك الأساليب التي سهلت عليه حل الجرائم. بينما في عام 2006م، قارن كمبستر، بين مهارات هولمز، ومهارات الأطباء المتخصصين في مجال المخ والأعصاب.

تراث شارلوك هولمز

اعتاد هولمز، أن يصف كل استنتاج وتحليل يصل إليه بكلمة “بسيطة” Elementary، واعتاد أيضاً أن ينادي صديقه، بجملة عزيزي واطسون، My dear Watson. وقد ظهرت هذه العبارة في مغامرة الرجل الأحدب. كما ظهرت هذه العبارة مجدداً في أول فيلم صوتي عن هولمز وعودته، الذي تم إنتاجه عام 1929م. انتشر هذا التعبير بشكل واسع، وذلك يعود إلى تكراره خلال البث الإذاعي لسلسلة مغامرات شارلوك هولمز الجديدة، التي كانت قد بدأت عام 1939، واستمرت حتى عام 1947م.

وفي عام 1953م، تم نشر قصة جديدة تظهر فيها العبارة نفسها بعنوان، مغامرة النافذة الحمراء، التي كتبت بواسطة أدريان دويل.

أطلقت لندن، متمثلة في إدارة مترو الأنفاق، اسم Sherlock Holmes، على أحد القطارات، التي يعود تاريخ عملها ودخولها الخدمة مطلع القرن الماضي. وبالرغم من إطلاق أسماء العديد من الشخصيات البارزة في لندن على أسماء القطارات، إلا أن هولمز، كان الشخصية الخيالية الوحيدة التي تحظى بهذا الشرف.

قصص هولمز ملكية للجميع

بفضل شعبية هولمز، الكبيرة وانتشار هذه الشخصية القوية وقدرتها على التأثير في المواطنين داخل المجتمع الإنجليزي، فخرج عنها جملة من القصص الإضافية. وذلك بعد أن انتهت فترة حقوق النشر والملكية الفكرية للكاتب كونان دويل، عام 1980 وبعد إعادة تفعيلها من جديد ظلت قائمة حتى عام 2000م.

منذ تلك اللحظة، أصبحت الأعمال والروايات الأدبية لدويل ملكاً للجميع. لكن الأمر لم يعجب ورثة كونان دويل، الذين قاموا بتسجيل قصص دويل، وفق ما ينص عليه قانون 1976م، حدث ذلك عام 1981م. لم يمر الأمر كما يريدون طويلاً،

شهدت محكمة ولاية إلينوي، تسجيل دعوى قضائية من قبل ليسا كيلنجر. تطلب فيه أن تكون شخصيات واطسون وهولمز، شخصيات عامة. وردت المحكمة بحكمها الثابت في 2014م. تكررت نفس التجربة من جديد، ورفعت القضية إلى المحكمة العليا الخاصة بالولايات المتحدة الأمريكية، والتي أجابت برفض النظر للقضية. وبهذه الخطوات أصبحت أغلب قصص وروايات هولمز ملكاً للجميع.

أعمال خاصة بالمسرح والراديو والتليفزيون

بحسب موسوعة جينيس، فإن هولمز، الشخصية التي تم تمثيلها بشكل كبير، إذ وصل عدد الأفلام السينمائية التي قدمت شخصية هولمز، إلى 200 فيلم سينمائي.

سجل عام 1900م، أول ظهور سينمائي لشخصية هولمز، وكان في فيلم حيرة شارلوك، تم عرض الفيلم بواسطة آلة الميتوسكوب. كما ظهرت شخصية هولمز، في أحد الأعمال التليفزيونية الروسية عام 2013م. كما ظهر أيضاً في مسرحية ويليام جيليت، عام 1899م، التي تم دمج 4 قصص فيها من تأليف دويل. نذكر منهم المشكلة الأخيرة، ورواية دراسة في اللون القرمزي. ومن هذه المسرحية تم تقديم فيلم بنفس الاسم من تأليف ويليام جيليت.

تم تقديم مجموعة أفلام مقتبسة وصامتة من قصص شارلوك هولمز، بالأبيض والأسود، وتحديداً في عام 1923م. وقد بلغ عدد هذه القصص 45 قصة، إلى جانب فيلمين. وجسد إيل نرود، شخصية هولمز، بينما لعب هوبارت ويليس، دور واطسون. وتم تبديل الأدوار عند تقديم عمل فني مقتبس من روايتي علامة الأربعة ورواية المشكلة الأخيرة.

تجسيد شخصية هولمز في الأعمال السينمائية

سجل عام 1929م، ظهور أول فيلم صوتي يتناول شخصية هولمز، قدمه المؤلف باسيل دان، بعنوان عودة Sherlock Holmes. تم تصوير الفيلم في العاصمة الاقتصادية الأمريكية نيويورك. وأدى دور هولمز، كليف بروك، أما باسيل راسبون، فقط لعب شخصية هولمز، في جملة من الأفلام السينمائية التي ضمتها سلسلة أفلام تتكون من 14 فيلماً سينمائياً، كانت قد تمت جميعها في عام 1946م.

كما جسد راسبون، نفس الأدوار في العمل الفني “مغامرات شارلوك هولمز الجديدة” وتمت إذاعته على إم بي إس، عندما قدمت شركة أفلام فوكس، فيلمها “كلب آل باسكرفيل” الذي تم إنتاجه عام (1939م) عرضت شخصية هولمز، بشكل صريح يتناول المخدرات.

جاءت مسرحية شارع بيكر، كعمل فني موسيقي يقدم شخصية هولمز، التي جسدها فريتز ويفر، وتم عرضها عام 1965م، على خشبة مسرح برودواي، كما لعب شخصية هولمز أيضاً روبرت ستيفنز، في فيلم الحياة الخاصة لـ Sherlock Holmes، عام 1970م، إلى المزيد من الأعمال الفنية التي تناولت شخصيته.

تم عرض شخصية شارلوك هولمز، في مسرح العرائس، أشرف على إنتاج هذا العمل هيئة الإذاعة اليابانية، قدم هذا العمل المؤلف كوكي متياني، وتدور الأحداث داخل إحدى المدارس الخيالية وهي مدرسة بيتون، تم تقديم هولمز وصديقه واطسون، في دور صبيين بعمر 15 عاماً، كما تم تقديم شخصية هولمز، في عمل فني بشكل يناسب الأطفال بدءاً من عام 1984، واستمر ذلك حتى عام 1985، قدمه المخرج هاياو ميازاكي.

سجل عام 2015م، عمل فني جديد يتناول شخصية هولمز، في فترة التقاعد، وكان عمره في الفيلم 93 عاماً، لعب فيه إيان ماكيلين، دور هولمز، وتجري أحداث الفيلم خلال عام 1947م، كان في تلك الفترة يتذكر أحداث القضية الأخيرة التي عمل عليها بعنوان A Slight Trick of the Mind، الفيلم من تأليف ميتش كولن.

شارلوك هولمز في العصر الفيكتوري

عرضت قناة BBC One، مسلسل بريطاني عام 2010م، قدمت فيه العديد من قصصه ورواياته، بشكل حديث وعصري، جميع الأحداث تقع في لندن، ليست لندن التي ذكرت بوصفها في الروايات، لكن لندن التي تنتمي إلى العصر الفيكتوري، كما كان هناك ظهور واضح للعديد من عناصر التواصل الحديثة مثل الرسائل النصية، وكذلك تطبيقات تحديد المواقع والتتبع، التي كان دورها بارزاً لمساعدته في حل الجرائم، جسد شخصية هولمز، بيندكت كامبرباتش كما لعب مارتن فريمان دور واطسون.

في عام 2009م، صدر فيلم Sherlock Holmes، تناول هذا الفيلم الحاصل على جائزة جولدن جلوب، على الجانب غير الاجتماعي من شخصية شارلوك هولمز، وبحلول عام 2014م، كان قد تم عمل جزء ثالث من هذه السلسلة الروائية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!